16 أبريل,2024

الحصاحيصا نت

موقع ومنتديات الحصاحيصا

تشييد أطول مئذنة مسجد في العالم

ايدان لويس
بي بي سي- الجزائر

 المسجد الأعظم بالجزائر سيتسع لأكثر من 120 ألف مصل، ليكون ثالث أكبر مسجد في العالم والأكبر في أفريقيا وسترتفع مئذنته إلى 265 مترا
المسجد الأعظم بالجزائر سيتسع لأكثر من 120 ألف مصل، ليكون ثالث أكبر مسجد في العالم والأكبر في أفريقيا وسترتفع مئذنته إلى 265 مترا

تشيد الجزائر مسجدا ضخما لمنافسة أعظم المساجد في العالم، على الساحل الشمالي للبلاد، لكن ما هو الدافع وراء مثل هذا المشروع الطموح؟

في منتصف الطريق على طول منحنى لطيف من خليج الجزائر العاصمة، يرتفع مجمع مباني مترامي الأطراف ببطء من الأرض.

وفي النهاية سيظهر “مسجد الجزائر الأعظم”، والذي سيضم أطول منارة (مئذنة) مسجد في العالم يبلغ ارتفاعها 265 مترا، وسيضم أيضا مدرسة لتعليم القرآن ومكتبة ومتحف ومدرجات وحدائق بها أشجار فاكهة.

ويمكن للمصلين الوصول للمسجد بعدة طرق، سواء بالسيارات أو الترام أو حتى بالقوارب لقربه من البحر، ويتسع المسجد لحوالي 120 ألف مصل، وسيتصل بمرسى على ساحل البحر المتوسط من خلال ممرين.

وسيكون المسجد الجزائري ثالث أكبر مسجد في العالم، من حيث المساحة، لكنه سيكون الأكبر في أفريقيا.

 مشروع تشييد المسجد تأخر عام كامل عن موعده ومن المتوقع الانتهاء منه العام القادم 2016
مشروع تشييد المسجد تأخر عام كامل عن موعده ومن المتوقع الانتهاء منه العام القادم 2016

وقالت وردا يوسف خوجة، مسؤول بوزارة الاسكان والتخطيط الحضري الجزائرية أثناء زيارة للموقع :”إنه أحد مشروعات القرن في الجزائر.”

وأكدت أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يريد لهذا المسجد أن يكون “نصبا تذكاريا للإسلام وشهداء ثورة الجزائر”-معركة الاستقلال عن فرنسا.

لكنه أيضا سيكون علامة للمستقبل. وأضافت :”هذا النصب سيكون بمثابة إشارة بارزة للثورة الحالية، ثورة التنمية في الجزائر.”

ومثل جميع المشروعات الكبرى التي تمولها الثروة النفطية في الجزائر، يعتمد بناء المسجد على الخبراء والعمالة الأجنبية، كما شارك مهندسو عمارة ألمان في تصميمه، وتولت شركة “كونستركشن انجرينج كوربوراشن” الصينية أعمال البناء، واستخدمت مئات العمال الذين يعيشون في مساكن جاهزة بموقع العمل.

ومثل كل المشروعات كان هناك تأخير في الانتهاء منه. وتولت مؤخرا وزارة الإسكان والتخطيط الحضري مسؤولية المشروع، بدلا من وزارة الشؤون الدينية، وقالت خوجة :”إن شاء الله سوف ينتهي العمل بالمشروع بنهاية 2016″، وهو ما يعني تأخير عام كامل عن الموعد المحدد لإنجاز المشروع.

وأظهر حجم المسجد وموقعه وتكلفته التي تقدر بحوالي من 1 إلى 1.5 مليار دولار، أنه يمثل أولوية كبيرة للحكومة الجزائرية.

 مكتب هندسي ألماني شارك في تصميم المسجد وشركة صينية تتولى عملية البناء التي ستتكلف ما بين 1 و1.5 مليار دولار
مكتب هندسي ألماني شارك في تصميم المسجد وشركة صينية تتولى عملية البناء التي ستتكلف ما بين 1 و1.5 مليار دولار

ومن أبرز أسباب دعم الرئيس بوتفليقة هذا المشروع بقوة، أنه سيخلد ذكري فترة رئاسته.

وهناك سبب آخر يتمثل في تنافس الجزائر مع جارتها المغرب.

فالمسجد الجزائري الجديد سيتفوق على مسجد الحسن الثاني في مدينة كازابلانكا المغربية، سواء في مساحته الكلية وطول المنارة.

لكن الدافع الأكبر قد يكمن في محاولة الحكومة تشكيل الهوية الدينية الوطنية وتسخير الإسلام، من خلال تأكيد سيطرتها على المساجد والدعاة الذين يعملون بها.

وهذ الجهد الذي بدأ منذ حصول الجزائر على الاستقلال عام 1962، ثم دخول البلاد في مرحلة الصراع مع القوى المدنية والمتمردين الإسلاميين خلال فترة التسعينات، والذي وقع عندما فقدت الدولة السيطرة على بعض المساجد لصالح أئمة يعارضون النظام.

ويقول كامل شاشوا، خبير الشؤون الدينية في معهد أبحاث ودراسات العالم العربي والإسلامي في مارسيليا، بفرنسا، “في هذا السياق فإن الجزائر تشيد مسجدا ضخما وحديثا، وهو الأمر الذي كان ينقصها حتى الأن.”

وقرار تشييد المسجد وسيلة لسحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين. إنها فكرة إقامة إسلام وطني بعد أن أعطت فترة إرهاب التسعينيات صورة مشوشة للإسلام، وجعلهالإسلام أقرب إلى الدولة ومكافحة الأصولية.

 الحكومة الجزائرية تدعم بناء أكبر مسجد في أفريقيا لأسباب سياسية ودينية والتأكيد على هوية الإسلام الوطني
الحكومة الجزائرية تدعم بناء أكبر مسجد في أفريقيا لأسباب سياسية ودينية والتأكيد على هوية الإسلام الوطني
 مشروع المسجد الكبير واجه انتقادات وطالب البعض بانفاق الأموال على مشروعات أخرى مثل التعليم والصحة
مشروع المسجد الكبير واجه انتقادات وطالب البعض بانفاق الأموال على مشروعات أخرى مثل التعليم والصحة

وترى عضو حركة بركات المعارضة أميرة بوراوي أن الأولية الأن أن نقول “انظروا كيف أننا بلد مسلم”، وتقول :” إنها طريقة أخرى لتملق الإسلاميين والإبقاء عليهم هادئين.”

وتعرضت بوراوي لتهديدات مؤخرا، بعد أن تساءلت على موقع فيسبوك عن إمكانية خفض أصوات مكبرات الصوت بالمسجد.

ويرى المزيد من العلمانيين الجزائريين هذا على أنه جزء من عدة أمثلة على زحف الأسلمة والتعصب الديني.

ومن بين الحالات التي ظهرت مؤخرا دعوة ناشط سلفي بإعدام الكاتب كامل داوود، والاحتجاج ضد تصوير ثوار جزائريين يشربون الخمر في فيلم فرنسي.

ويقول ناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر :”في مستوى اجتماعي لا أعتقد أن الجزائرين أصبحوا متدينيين جدا.”

وأضاف :”لقد أصبحوا محافظين جدا، مع أنهم يستخدمون مستحضرات التجميل والتدين المجتمعي، ويمكن رؤية هذا في الشوارع، حيث ترتدي الكثير من الفتيات غطاء الرأس، لكن هذا لم يمنعهن من اتخاذ صديق وشرب البيرة.”

ويرى أنه فوق كل هذا فإن الكثير من رجال الأعمال الجزائريين يذهبون إلى مكة للحج ويصلون خمس مرات، لكن هذا لم يؤثر في سلوكهم كمواطنين وكمسلمين.

لكن سكان منطقة المحمدية، حيث يشيد المسجد، لا يبدو أنهم مبهورون بالمسجد الضخم، ويرون أنه كان يمكن إنفاق الأموال في مكان آخر.

وقال الطالب راسيم، 22 عاما :”نحتاج لان نبدأ بالتعليم والصحة، وبعد ذلك يمكننا التفكير في تمجيد الدين.”

وأضاف :”من وجهة النظر الإسلامية فإن مكان العبادة لا يهم كثيرا، بقدر الإيمان الموجود في القلب.”