الموضوع: شجرة النيم
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-15-2009, 04:46 PM   #9


عصام الدين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1749
 تاريخ التسجيل :  Apr 2008
 أخر زيارة : 12-25-2016 (01:05 PM)
 المشاركات : 80 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Brown
افتراضي



تابع النيم\

وفى القلف دواء مستور :


قلف النيم Neem bark هو قشر الشجرة الذى يتيسر نزعه عنها . وهذا ينطوى على المواد الفعالة نفسها التى توجد بأوراق الشجرة . على أن أكثر ما يلفت الانتباه فى أمر القلف ما عرف عنه فى الطب الشعبى الهندى من قدرة على مكافحة حمى الملاريا . ذلكم المرض المرعب الذى كان ومازال يحصد الملايين منذ فجر التاريخ ، وينتقل من المريض إلى السليم بواسطة أنثى البعوضة الأنوفليس . وقد اعتاد المعالجون التقليديون على علاجه باستعمال شراب طبيعى قوامه منقوع قلف النيم فى الماء ، وأصابوا نجاحاً كبيراً وأنقذوا الكثيرين من موت محقق . وكذلك يفعل المعالجون فى الساحل الغربى للقارة الأفريقية ، حيث تنتشر البعوضة الضارية كوباء . وهكذا فمن النادر أن ترى شجرة نيم واحدة سليمة قرب بيوت القاطنين ليست مقشورة القلف . وثمة عامل مثير آخر فى خط إنتاج الأدوية وهو مركب قوى مضاد للحيوانات المنوية يسمى " نيمبينات الصوديوم " . لقد أثبتت التجارب التى أجريت على الفئران المعملية أن خلاصة أعدت من قلف النيم ، تسبب عمقاً للفئران ، مما حفز على التفكير فى ابتكار أدوية جديدة لمنع الحمل من هذه الخلاصات الفريدة ويوجد بالقلف مركبات أظهرت تأثيرات حادة مضادة للأورام ، فضلاً عن مواد أخرى فعالة قلويدية Alkaloids ، ومركبات منعشة ومنشطات لجهاز المناعة أيضاً .



التأثيرات الحيوية لبعض المركبات الفعالة فى شجرة النيم



المركب الفعال
التأثير الحيوى

نيمبينات الصوديوم
مضاد لآلام المفاصل والالتهابات ،مثبط وقاتل للمنويات ، محفز على إدرار البول

نيمبيدين
مسكن ومخفف للآلام ، مضاد للنمو الفطرى ، مضاد للنمو البكتيرى

نيمبيدول
مضاد لأعراض الحميات ، مضاد لبكتيريا السل Mycobacterium

نيمبين
مخفف للآلام والالتهابات ، مضاد لنمو الفطريات

جدونين
معالج فعال لداء الملاريا ، مضاد للنمو الفطرى

كويسيريتين
مضاد وقاتل للطفيليات أحادية الخلية






عقاقير النيم : نموذج للعودة إلى الأصول :


خلق الله الإنسان وخلق معه الداء والدواء . فمن الأزل ، تكشفت للإنسان الطبيعة عن نباتات شافية وأعشاب ، فأقبل عليها يجد فى بذورها وأوراقها وأزهارها وجذورها وقلفها وثمارها أدوية لمختلف الأمراض والأدواء .

ومضى الإنسان رويداً رويداً خطوات فى عالم الكيمياء فتكشفت النباتات التى كان يتداوى بأعضائها مباشرة عن جواهرها الفعالة المختبئة فيها ، فأخذ فى تنقيتها وتحسين طرق استخلاصها واستغلالها فى القضاء على مسببات الأمراض . على أن التقدم الهائل فى علوم الكيمياء التخليقية وتضافر عدد من القوى الصناعية العالمية الاحتكارية أدى إلى أن تفقد النباتات معظم جاذبيتها منذ منتصف القرن العشرين - كمصادر أساسية للعقاقير فى الصناعة الدوائية . على أننا لاحظنا منذ مطلع السبعينات من القرن العشرين - أن البندول بدأ فى التأرجح عائداً تجاه تجبيذ أن النباتات المستخدمة فى الطب الشعبى يمكن أن تكون مصدراً مهماً لناجح الدواء ، ولأكاسير الصحة والشفاء . فالأدوية الكيميائية التخليقية لا تفى دوماً بحاجة الإنسان ، كما أنها باهظة التكلفة وفوق ذلك فما من دواء مخلق إلا واستحضر معه تأثيرات جانبية مقلقة لا ينكرها الباحثون ويضج من وطأتها العليلون . وهكذا وجدنا العلماء يشمرون عن سواعدهم قاصدين الغابات والبرارى والصحراوات باحثين فى عجائب عالم النبات عما ينطوى عليه من قوى خارقة وبلاسم للشفاء . وإنهم بعد خبرة السنين يؤكدون اليوم على أن الخير كل الخير فى المزاوجة بين علوم الكيمياء الرصينة وخبرة المعالجين التقليديين بالنباتات . إن من شأن هذه المزاوجة أن تقدم للناس عقاقير أفضل وأنجح وأرخص مما لو اقتصر الأمر على العقاقير الكيميائية التخليقية . وفى رحلتنا مع عقاقير شجرة النيم خير برهان ودليل فالباحثون وجدوا بالفعل أن المركبات المستمدة من الشجرة لا تستصحب معها غالباً أية آثار جانبية مؤذية للإنسان . ولأجل ذلك وجدنا الكثيرين من باحثى العقاقير فى العالم الغربى يكرسون جهودهم لحماية شجرة النيم وإكثارها عبر تشجيع الاستمرار فى استعمالها بطريقة حكيمة " مستدامة " Sustainable ، أى دون استنزافها وعلى نحو يضمن بقاءها على الدوام . وفى الوقت نفسه وجدناهم يدعون إلى الإفادة بصورة أمثل من مركباتها الفعالة الدوائية باستخلاصها وجعلها على هيئة كبسولات أو بإضافتها إلى أدوية كيميائية مخلقة كمحسنات دوائية أو سوى ذلك من تقنيات .




فلاتر حيوية للهواء :


لكم ندهش حين يحدثنا باحثو العقاقير عن أشجار النيم بوصفها مصانع نموذجية لإنتاج العقاقير الشافية لأوجاع الإنسان . كما ندهش حين يحدثنا باحثو وقاية النبات عن مبيدات النيم الحيوية وقدرتها الذكية فى مكافحة الآفات الزراعية . ولكن شجرة النيم ليست هذا ولاذاك فحسب ، بل هى قبل كل شئ رئة من رئات الحياة على سطح الأرض . إن قدرة هذه الشجرة كمرشح حيوى للغازات الضارة الملوثة للهواء ، شئ خيالى حقاً . فهذا " الفلتر " الطبيعى لدية كفاءة عالية على امتصاص ملوثات غازية عدة لا سيما أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وأكاسيد الرصاص . و ينتج أول أكسيد الكربون عن ماكينات احتراق المركبات والتدفئة المنزلية والتدخين ويكثر بشكل خاص فى المدن المزدحمة بالمواصلات . وهو بحد ذاته خطر كبير ، بحسبانه لا يرى ، ولا تشم له رائحة . وتتنوع مصادر أكاسيد الرصاص فى الهواء وهى التى تتسرب رويداً رويداً إلى أبدان الأحياء . وإذا فحصنا أكاسيد النيتروجين فسوف نجد أن أول أكسيد النيتروجين وثانى الأكسيد ، هما أهم الأنواع . وتتركز مصادرها فيما تقذفه بالعوادم وسائل المواصلات . ويمكن لأول أكسيد النيتروجين التحول فى وجود الضوء إلى ثانى أكسيد النيتروجين ويمكن لهذا الغاز الاتحاد مع بخار الماء الموجود بالهواء ، مكوناً حامض النيتريك الذى يعمل على تآكل النباتات ، ويؤثر فى المزروعات . ويالها من تأثيرات مدمرة . ولكن لحسن الحظ فقد اكتشف البيئيون أن بوسع كل شجرة نيم مزروعة على أرصفة الشوارع فى المدن التى تعانى من أزمة تلوث الجو والهواء ، امتصاص تلكم الغازات جميعها ، من مسافة تتراوح ما بين ثلاثة وخمسة أمتار . واكتشفوا أن حزاماً من الأشجار بعرض 30 متراً ، يستطيع خفض تركيز غاز أول أكسيد الكربون ، بنسبة تصل إلى 60% ، كما يمكن لكيلو متر مربع من الأشجار أن تمتص يومياً قدراً من الغازات ، يصل إلى 120 كيلو جراماً . وينبغى ألا ننسى دور الأشجار فى تنقية الهواء من الجزيئات العالقة والغبار ، فالأشجار الكثيفة فى الغابة تستطيع خفض عدد الجزيئات العالقة بمعدل يتراوح ما بين 100 ، 1000 مرة ، كما تحتجز كميات من الجزيئات العالقة تتراوح ما بين 40 ، 80% من كميتها الموجودة بالهواء . ولأجل أن تصنع الأشجار متراً واحداً من مادتها الخشبية الجافة ، فإنها تمتص من الهواء 1.83 طن ، من غاز ثانى أكسيد الكربون
وتطلق بدلاً منه 0.23 طن من غاز الأكسجين . وتنطوى الأشجار على إمكانيات مذهلة بالنسبة إلى تلطيف الجو وإبطاء وتيرة ارتفاع درجة الحرارة . وفى هذا السياق يكفى أن نعلم أن خطة قومية لتشجير 20% من صحارى مصر ، تكفل إعادة الاتزان الحرارى بشكل ملموس لكوكبنا الأرضى . فهذه مزايا بيئية عظيمة ولئن كان فى الطبيعة أنواع كثيرة من الأشجار تستطيع تحقيق بعضها بصورة جيدة ، فإن أشجار النيم فى مقدورها أن تحقق كافة المزايا البيئة . وبطريقة أكمل وأفضل .




النيم عابر القارات :


إذا كانت شجرة النيم (هندية) الأصل والجنسية فإنها غذت مؤخراً (عالمية) الانتشار فاتخذت بذلك صفة المواطنة العالمية فهى تستزرع اليوم فيما يزيد على 65 دولة ولا سيما فى المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية . ومن أبرز الدول التى تعنى بزراعتها فى مساحات شاسعة لأغراض تجارية : مالى والنيجر وكينيا ونيجيريا والمكسيك والسنغال وجنوب أفريقيا والدومينكان ونيكاراجوا والأرجنتين وبورما وسيريلانكا وباكستان والبرازيل واستراليا . وفى عالمنا العربى استزرعت مساحات كبيرة نسبياً بشجرة النيم ، فى كل من السودان واليمن ومساحات أقل فى بلدان الخليج العربى وفى المملكة العربية السعودية .

وإن الزائر للمشاعر المقدسة فى منى والمزدلفة وعرفات ، ليشاهد أشجار النيم وقد أينعت بخضرتها الدائمة فضلاً عن دورها فى تطهير الأجواء من الحشرات وإبعاد الكثير من أنواع القوارض والزواحف والهوام . ولابد أن نذكر أن رجالات الزراعة فى مصر تمكنوا منذ ما ينوف على أربعين عاماً من استجلاب بذور وشتلات النيم من السودان ، ونجحوا فى استزراعها وإكثارها فى حديقة النباتات الاستوائية بأسوان وطوال هذه السنوات تراكمت لدى باحثينا الكثير من الملاحظات والمعارف القيمة عن أوفق ظروف الاستزراع ، وأفضل طرق الإكثار والمناخ المناسب .




رحلة النيم من البذرة إلى البذرة :


تمتاز شجرة النيم بأنها يمكن أن تستزرع فى طيف واسع من أنواع التربة على أن تكون عميقة ، وألا تكون حامضية . وهى تستنبت مباشرة من بذور ناضجة طازجة ، أخذت تواً من شجرة مثمرة . هذا لأن ترك البذور أياماً بعد جمعها يقلل كثيراً من حيويتها ويؤثر فى معدل إنباتها . وقبل كل شئ لابد من إزالة الطبقة اللحمية التى تغلف البذور ثم تنقع البذور فى ماء جار نظيف ، لمدة تتراوح ما بين 3،6 أيام على أن يتم تغيير ماء النقع يومياً بعدئذ تزرع فى أكياس أو أوعية فخارية بواقع بذرتين فى كل وعاء على خطة مكونة من رمل وطمى بمعدل (1:1) . وهى تبقى فى المشتل لمدة عام ، تروى خلاله كل خمسة أيام إلى أن يبلغ طول الشتلة نحو 30 سنتيمتراً . تنقل بعدئذ إلى الأرض المستديمة لتزرع . وهى تكون على أوفق حال حين تزرع فى الجهة القبلية أو الشرقية ، حيث تفيد الشجرة أيما فائدة من أشعة الشمس الدافئة ، كما تتوقى من الرياح الباردة العاصفة . و تبدأ فى التزهير حين تبلغ من سنوات عمرها خمساً . وهى تعطى فى الربيع زهراً بلون بنفسجى ورائحة كرائحة الشهد المصفى ، ثم تعقد ثمراً أخضر مدوراً بقدر حب الحمص ، فى عناقيد متفرقة ، فإذا اقترب الشتاء تغير لونه وصار عاجياً ، ثم ييبس واسود لونه . وطعم الثمر الأخضر مر حمضى نوعاً ، فإذا أينع حلا اللب ما بين القشرة وبذور الثمرة . والشجرة تعطى فى العام الواحد فوق الخمسين كيلو جراماً من بذور صغيرة مرة ، ومتى تهيأ لها المجال ووجدت طريقها إلى التربة ، أعادت الكرة وتكررت الرحلة .


 
 توقيع : عصام الدين

إن الرسولَ لنورٌ يستضاءُ به

مهندٌ من سيوفِ الله مسلولُُ


رد مع اقتباس