عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2014, 04:57 PM   #94


المحجوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 10156
 تاريخ التسجيل :  Nov 2013
 أخر زيارة : 03-07-2016 (07:58 PM)
 المشاركات : 494 [ + ]
 التقييم :  18
لوني المفضل : Brown
افتراضي بالإستشعار عن بُعد ؛ 1) 2) 3)



بالإستشعار عن بُعد : (( 1 ))
طفلة صغيرة هي عندما فقدت والدها وهي في سنين المرحلة الاولي من التعليم . لم يكن والدها يملك من متاع الدنيا إلا راتبه الشهري الذي لا يكفي النصف الاول منه ، اما النصف الآخر قلا علاقة له به . تاهت هي واخوتها ووالدتهم في الحرمان سنين عددا ( وليالي ) تمنت فيها من نسج خيالها ذلك الانسان والذي سيأتي منقذا ليعوضها واخوتها ووالدتهم كل الحرمان الذي عاشوه وهم يشاهدونه من حولهم دثارا وتذكيرا وامعانا في المعاناة .
كل ذلك ، ولم يسلبهم الفقر والحرمان من الذكاء ولا الرغبة في العلم شيئا ، ولم يزلزل ثقتهم بانفسهم ولا كبريائهم وعزة نفسهم . ماكانت جميلة بوضوح ولكن في تقاسيمها العامة كوامن وخبايا بها سحر غير مرئي ، مقبولة بالنظرة العامة ، لها جاذبية تعيد بصرك اليها مُرغما مرة أخري ، فتحس براحة وسكون واطمئنان .
كانت تمر من أمامي يوميا في طريقها للكلية وهي تمشي بخطا ثابتة واثقة ، لا تلتفت ولا ترفع راسها ، بل تسير كأنما لا أحد غيرها بالوجود ومعزولة عن الكل ، وأنا لا املك غير النظر اليها بإعجاب وهي تمر مر السحاب بخفة وانسياب .
شاءت الصدف والاقدار في يوم غائم جميل ان تهطل الامطار صباحا بلا مقدمات بعد خروجها من دارهم القابع في نهاية الحي في رحلتها اليومية ذهابا وإيابا ، والمليئة فخرا وصبرا ، وهي تحاول ان تحمي ما بيمينها من كتب ، فلم تجد هي بدٌ من النظر اليى مستنجدة وانا احتمي تحت مظلة البيت متسمتعا بالمشهد الرائع ، ولم أجـد انا مخرجا سوي دعوتها للإحتماء بالمظلة ؛
* الخريف السنة دي جميل .
‘‘ الخريف دايما جميل ومن احب الفصول لنفسي ! بس مشكلتو في ساعة الصباح .
* انتو ما عندكم مجموعة تعملوا ترحيل صباحي مع بعض ؟
‘‘ في مجموعة ولكن جدول المحاضرات ما ثابت ، عشان كده ببقي صعب الإلتزام بالترحيل .
واستمر الحوار بيني وبينها ممطرا كما السماء إلفة واطمئنان وثقة مصحوبا بسناء برق ابتسامتها الخفيفة والتي تشع احتراما ملزِما وادبا جم غير فاضح المعالم ولا داعٍ بإسترسال ...
وقفت الامطار بعد ما سمحت لنا واستقطعت زمنا كافيا لكسر حاجز الغربة بيننا ، وحملتنا فوق اثير مشبع بدفئ لقاء وختام حوار لم ينتهي ، وبالشكر لسانحة سعيدة فرضت علينا دون قصد . لتقول لي سلام بيدها اليسري وهي تغادر . ـ)))ــــــــــــ)ـ
**************


بالإستشعار عن بُعد : ((2 ))
باتت الوجوه اليفة متآلفة ، والابتسامات خفيفة ناعمة تكاد تخفيها والنظرات اختلاسا . فهي لا تدل علي شئ سوي صدفة وفروضها . فبعد تلك اللحظات كل شئ كان ساكنا ولا يبدو انه مستحيلا ، فالأمر عادي ولا أكثر .
غابت عن الحي فترة لم أعرف لها سببا حينها ولم اسأل خوفا ، وفي يوم رايتها قادمة كعادتها ولكنها تفتقد لأناقتها المعهودة وبريق شخصيتها النادر . وعند اقترابها وجدتها حبيسة هالة من الحزن تحيط جسدها المكسو بعباءة سوداء . فسارت نحوي وكانها تسير علي مساحة من رمل ناعم يعيق جمال خطاها . فالقت الي بتحية مقتضبة .
سالتها عن حالها ، فردت علي بهمهمة مفادها حزنها علي ابنة عم لها توفت في البلد وهي في ريعان شبابها . حزنت لحزنها المبالغ فيه ، فترحمت عليها وهي ماضية في طريقها دون ان تنبث بكلمة ! لتعود بعد فترة معتذرة عن تصرفها ذلك مبررة ما بدر منها لحزنها الشديد عليها ، واعتذرت انا ايضا وطيبت من خاطرها . فتحدثت عنها بحزن وطفرت من عينيها دمعة وهي تذكر زوجها الشاب وطفلته الاولي المولودة قبل وفاتها بشهر .
الزمن كفيل بالأحزان والحياة تسير رغم كل الظروف ، لا تقف بموت أحد والبشر طموح لا ينتهي . وعادت هي كما كانت ، بريق وامل وحياة ، وتواصل نهج مسيرتنا فاصبح اللقاء فرحة وعادة والحديث متعة بدون حول منا ولا قوة فسألتها مرة إن احتاجت لاي مساعدة مني فلا تتردد أبدا ، فقالت لي بأسي بادي علي محياها ؛ لو انت تريد مساعدتي حقيقة فلا تحرمني هذا الود . أحسست بأنها تريد ان تخبرني شياء ولكن ....
لم يمضي زمن طويل حتي علمت بانتقالهم الي حي آخر لحوجة صاحب المنزل . وحزنت لذلك كثيرا وعرفت الان لم قالت لي ؛ لو حقا تريد مساعدتي فلا تحرمني هذا الود . وكما قلت فالزمن كفيل بالأحزان والحياة تسير رغم كل الطروف . ــ)))ـــــــــــــ)ـ
***************
بالإستشعار عن بُعد ؛ ((3))
مضت ايام وليالي لم ادري كم هي ، وماعرفت فيها أين استقر بها المقام ، ولم أستطيع سؤال أحد عنها . الي أن جاءتني محادثة غير متوقعة ‘ سمعت صوتها من الطرف الآخر تسألني عن الاحوال . سألتها أين انت وفي أي ديار حللتي وعتبت عليها كثيرا لعدم اخباري ! فقالت ؛ لم استطيع اخبارك حينها لاني أعتقدت أنه هكذا أفضل ويساعد علي النسيان . فقلت لها ولم النسيان الم تطلبي مني الا احرمك هذا الود ؟ ما الذي حدث ؟ هل أخطأت أنا في شئ ؟
لم ترد علي سوألي ولكنها واصلت قائلة : أحيانا ترغب في شئ بكل ما أُتيت من قوة وتحلم به في كل لحظة وحين ، تراه ماثلا ما غمضت جفونك ، كالظل لا يفارق حتي في الظلام ولكنك تأتي عليك لحظة لزاما وقهرا وضد كل منطق وناموس لتتنازل عنه بمحض إرادتك طائعا مختارا وبغض النظر عن الاسباب . فقد كان لي حلم طفولة بالفارس الذي سيأتي يوما ، بالدفئ الذي فقدته وبالحلم الذي عشته وبالحضن الذي عشقته بتلك الروح الشفيفة والكلمة الخفيفة ، تحملك علي بساط من الراحة والوداعة تقلب باطنك ظاهرا لا مرآء ولاخداع ، لقد عشقتك منذ طفولتي وقبل أن أراك وحين رأيتك عشقتك طفلة وحين لقائنا الاول رأيت عشقك لي هالة فوق راسك فرأيت حلمي القديم مرة أخري . حلمت .. وحلمت ... وحلمت وصحوت علي حلمي الحقيقة ، فأنا أعشقك ! وسيظل عشقك مادامت الروح ، وانت تعشقني ولا خاطر لك في ذلك فهذا العشق المقدور ، كتب بحرف من نور ، فوداعا عشقي المارد فأوانك قد رحل بعيد .
" المحجوب "
*****************


 

رد مع اقتباس