عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2014, 09:44 AM   #97


المحجوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 10156
 تاريخ التسجيل :  Nov 2013
 أخر زيارة : 03-07-2016 (07:58 PM)
 المشاركات : 494 [ + ]
 التقييم :  18
لوني المفضل : Brown
افتراضي الأمل الشجاع



الأمل الشجاع ؛


صحوت من غفوة استغرقت من الدقائق بضع نتيجة التعب والارهاق ، بعد أن اكملت ترحيل كل الموظفين الي ديارهم ، وكانت الاستاذة أمل آخر محطات الترحيل مساءا واولها صباحا حتي أنعم بوجودها صباحا وختاما فقد كانت تحتل مركز الاهتمام وغرفة العمليات المعنوية لمجريات يومي . وحينما همت بالنزول في ذلك اليوم التاريخي والذي أدار دفة المسيرة نصف دائرة ونقل النقلة النوعية ، قالت ان لديها مشوار علي جانب من الاهمية ، لذا علي الحضور في تمام السادسة مساءا واكدت علي ذلك . فقلت حاضر يا أستاذة .
تنفست بعمق وانا بنصف وعي ، وبخاطري موعد الاستاذة أمل في المساء فهذه علاوة وحافز إضافي فرؤياها ملاذى وزادي . ما كنت متكاسلا ولكن تثاقل جسمي من الارهاق المعنوي لمسيرتي معها ، فحملت نفسي تحت الدش لعل الماء يلطف من تفاعل الخمول ويساعدني لإستعادة نشاطي ، وقد كان .
خرجت من البيت وتوجهت بالعربة الي حيث بيتها ، فوصلت في اللحظة المناسبة . ركبت الاستاذة وعلي وجهها حيرة وخوف ، فسألتها عن المشوار إن كان بعيدا لأتزود بوقود كافي ، فكانت بعيدة لحظتها ، فأعدت عليها السوأل ، فردت ببال شارد ، ان المشوار ليس بعيد ولا علاقة له بترحيل الوزارة ، إنه مشوار علي حسابها الخاص . قدت العربة بحسب توجيهاتها الي أن وصلنا لمدخل المتنزه العائلي . نزلت وسألتها إن كانت تود ان انتظرها ، ولكنها طلبت مني الدخول معها الي المتنزه فدخلت معها واجلستني علي طاولة في مكان قصي من المدخل وطلبت اثنين عصير ليمون ثم نظرت الي نظرة أخافتني ثم قالت ؛ أتدري كم ابلغ من العمر يا أحمد ؟ فقلت والله لا ادري ولست بارعا في التقدير . قالت أنا في الثانية و الثلاثين ، ودرجتي الوظيفية يحلم بها الكثير وأحمد الله علي ذلك . ثم قالت لي متسائلة مرة أخري ؛ عفوا أحمد ، هل تري في اي عيب ؟ ألستُ جميلة ؟
مرت لحظة سكون لا ادري كم طالت ، فقد مر امامي مباشرة وبنقل حي ، شريط توقيع عقد ترحيل موظفي الوزارة من خمس اعوام مضت امام عيني في ذلك اليوم الربيعي وانا التفت نحو الاستاذة أمل مسترقا النظر اليها كلما سنحت سانحة ، فقد أدهشني جمالها الهادي الوقور والسكينة التي ترتسم علي محياها والبهاء الذي يلفها بسحر يأسر القلوب التقية وشخصيتها الجذابة المهيبة والطمئنينة التي تكسو محياها وقارا وصلاحا . حقا لقد أذهلتني بأدبها الجم وكلماتها التي تقطر دررا من التعابير والعبر بنسق ملحون مطرب ، ويا لتلك الإبتسامة المنيرة في ذلك الوجه الملائكي ، والتي لم تترك لروحي لحظة هدوء بعدها ، فقد أشعلت دواخلي بشوق لا ينطفي .
جاءني صوتها من خلف شريط الذكريات المسترسلة ، لتقول لي ؛ الست جميلة يا أحمد ؟ لِمَ سكوتك ؟ أجبني بصراحة . لقد الجمتني أسألتها الغير متوقعة للحظة ، فقلت والله يا أستاذة أمل لا أدري ماذا أقول لك ! هذه حقيقة لاخلاف عليها الكل يعلم والكمال لله وحده . قالت بعصبية ودودة ؛ أحمد ،، تقدم لخطبتي كتير من ابناء الاهل ومن الزملاء ولكني لم أجد من أثق فيه ولم اجد من له القبول الفطري في نفسي . لم أقبل بأي منهم رغم الإغرآءات بمباهج الحياة والوعود بكل جميل مدعوما بضغوط الاسرة وعامل الزمن ! هل أخطأت في تصرفي هذا ؟ صراحة لم استشير أحدا ولم ابوح لأحد بما في داخلي من تناقضات ومفارقات ولم استفد من خبرة وتجارب الآخرين ، لا انكر أني حاولت أن افضفض ولكن " لمن " كانت دائما وابدا حجر عثرة . لا شك انك تساءلت في نفسك لماذ اقول لك كل هذا ؟ ولماذا انت بالذات ؟ وماذا أعرف عنك حتي أختصك بكل هذه الخصوصيات ؟ ماذا أنا منك ؟ فقلت عفوا استاذة أمل فعلا كل هذه الاسئلة جالت بخاطري ولم أجد لها إجابة ! وما زاد في حيرتي في البداية ! لماذا انا هنا اجلس بقربك ، ولم جئنا الي هنا أصلا ؟ وماذا أفهم من كل هذا ؟
يبدو انك لم تري نفسك بعيون الآخرين ، ومنهم أنا ، ولم تقيم نفسك بعيون من هم حولك ؟ وأنا إحداهم ، ولم تقف علي شرفة التميز لتنظر لنفسك من علي بعد في مدرجات المجتمع ؟ وأنا عضوة فيه . ما دعاني لأختصك هو تفكيري العقلاني وليس العاطفي . بمعني ، أنني في سن قد تخطيت مرحلة تفكير المراهقة والتفكير العاطفي الصرف ، وانا الآن في مرحلة التعقل والتفكير العقلاني ، لست مرفوضة ، بل علي العكس فقد مللت زيارات الخاطبين ، و أعرف نفسي من عيون الآخرين ومن عيونك أنت بالذات فكم احسست بك ولمست إعجابك بي ، وكم تمنيت ان تحس انت بإعجابي بك ، ولكنك لم تحرك ساكنا ، كأنك تهرب من واقع تخشي عواقبه . فلم تجرؤ علي المبادرة بل أنا ، وما دعوتك إلا لاني قد وجدت فيك ما اتمناه ، وبت متأكدة من شعورك نحوي ، فإنك لم تقدم علي الزواج من أي إمرأة أخري لما بك مني وهذه حقيقة اعلمها تماما ، هذه لغتي ! ذات مفردات لا تدل علي معنيين ولا هي مفردات خداع . أحمد .. انت تحبني وانا أحبك ولا أشك في ذلك ، فدع عنك المراوغة والكبرياء فالحب لا يعرف الكبرياء بين المحبين . ولا تظن يوما انني فعلت ما فعلت تنازلا وخوفا من فوات الاوان وقطار العمر ، ولولا ثقتي فيما يربطنا ببعض ثقتي بنفسي ! ما بادرت لك به .
دارت تساءلات وعتابات حائرة تائه في عقولنا نحن الاثنين ، وبلا صوت وبلا تفاصيل ، ولفنا الصمت بنسيج الفرح وانتصار الامل الشجاع ، وكل منا ينظر للآخر بعقله وقلبه . كسر ذلك الصمت صوت خافت مني قائلا ؛ أمل ! لقد كنت لي املا اتوق اليه ، وحلما عشت به . لقد أثبت لي أنني جبان العاطفة ، اخشي ان افقد ما املك من حلم ، قانع به ، تكفيني منه رؤياك صباح مساء ، يرعبني الخوف لفقدك و رؤياك حتي من علي البعد ، وهذا ما قنعت به . انت شجاعة واقعية ، ياليتني كنت بمثل شجاعتك وواقعيتك لأعرف ما اريد واسعي لتحقيقه بلا تردد ولا خوف ، كنت أختصرت الكثير . شكرا لك حبيبتي فقد أنقذتيني وأنبل حب من الضياع .
شكرا لك ايها الأمل الشجاع ... فإنك باق كما الحياة !!!


" المحجوب "


 

رد مع اقتباس