عرض مشاركة واحدة
قديم 06-30-2009, 10:04 PM   #89
ود العمده


الصورة الرمزية ازهرى محمد على
ازهرى محمد على غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2141
 تاريخ التسجيل :  Oct 2008
 أخر زيارة : 02-14-2016 (09:33 AM)
 المشاركات : 281 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Blue
افتراضي ذاكرة المكان / الأمتداد



ذاكرة المكان / الأمتداد
سيده بت بخيت
حذرا وقفت بعيدا عن مركز الحدث .. بعيداً علي اطراف السمع.. كانت بعض المقاعد شاغرة .. ذاكرتك بالمكان شاغرة .. رادع ما بداخلك يقول لك لا تجلس.. احساس بخصوصية المكان رغم إنه في الشارع العام.. ام هو إنسانك الداخلي في طور تبرعمه الأجتماعي في دائرة الحيطة والحذر بصوته الخافت يقول: لك لا تجلس لاتنظر ..رغم محرضات النظر العديدة من الوجوه والملاحة والنضرة... لا تقف هنا .. هنا إنفتح صوته السماوي متواطئاً مع لآتك العديدة..
لاتنبش الماضي البعيد الم تكن يوماً لقلبي واقعاً مجــهولأ
لاتنكأ الـجرح القديم فانني ودعـــــت ليلاً مظــلماً وثقيـــلا
وحملت روحي في فؤاد نازف مازال يحمـــل نصفه مشلولا
وخلعت اثواب الحداد اما كفا إذ صار قلبك في الهوي ضليلا
ثم لا .. لا.. لا..غدار دموعك ما بتفيد.
كان صوته يطوف بالمكان كغيمة رحيمة.. حينها جلست ولم تستاذن احد.. جلست والصوت ياخذك الي الصف التالي كما يفعل المصلون في صلاة الجمعة كلما شغر مقعد شغلته حتي وجدت نفسك علي بعد شهقة..سقطت الآت تباعاً كصفق النيم وتحررت من محاذيرك وخلعتها كثوب الثعبان.. واصبحت انت صاحب الحلقة ودرويشها.. طفلاً تتقاذفه مراجيح الطرب ..
لم تنتبه للاسم الذي قدمه به مقدم الحفل..لم يكن هناك اسم ..كانت اسماء تعرفها المدينة.. الشيخ الطيب.. وبٌرتل..حتي هولاء لم تكن تعرفهم ..ولكن الأيام القليلة التي عشتها هنا ربما طرق اسم من هذه الاسماء طبلة اذنك عن قصد او دون قصد.. كانت هي الاطلالة الأولي لفنان ملأ الدنيا وشغل الناس في ما بعد اسمه مصطفي سيد احمد..الجمعية الخيرية للحي الأوسط اكتوبر1974
نحبفاً كث الشعر كثيف الشارب ..يرتدي نظارة سوداء..غدار دموعك..السمحة قالوا مرحلا. كدراوية.. اي والله كدراوية للنور الجيلاني.. إنتهت وصلت مصطفي.. وبدأت بعدها مباشرة وصلتك معه والتي لم تعد وصله ولكنها اتسعت الي صلة.. صلة رحم ثقافي وفكري وإجتماعي ..ادركت عبره ان رحم المدينة اوسع مما تتصور دار حديثك معه بطريقة خجولة.. سرعان ماتلاشت بسبب ماوجدت من ترحيب لا ينقصه الحماس من شاب ممتلي بالثقة ومرتب الحديث والتفكير..قبلت دعوته بعد ان عرف وعرفت مكان سكنه اذاً غدا الجمعة انت مدعو لتناول الفطور بمطعم كمال عبد الرازق..بالكباب المحروق ربما قصد بتحديد المكان..وطبيعة الوجبة..إغرائك بقبول الدعوة ولفت إنتباهك لمعرفته لجغرافيا المدينة واماكن معاشها ومعادها ..
إنصرفت فرحا وممتلئاً بالدهشة والطرب.. تمنيت حينها ان تلقاك سلمي تلك الطفلة البرئة ذات الملامح الفوضوية.. حافية القدمين مهملة الشعر.. تفصح مقاطع وجهها الشاحب عن إمرأة كاملة الدسم بعد عقدين من الزمان..سلمي في لحظة الكتابة عنها الان تكون قد تجاوزت مسرح الحدث بثلاثة عقود.. لابد انها الأن إمراة واماً.. انجبت سويلمات.. وكفتهم شر الحاجة لا يتسللن سراً من وراء اعينها يطلبن قرشاً.. كنت لا تمانع في إعطائها متي طلبت..تمنحها ولا تردها حتي ولو صلعت يداك وتناقصت دراهمك الشحيحة عن ثمن الدثار وعضة الجوع الزنيم.. لم تكن تستطيع ان ترد سلمي علي اي حال..وهي تذكرك بطفولتك المجروحة ويتمك المبكر..وشئ ما تحس إنه تهشم داخلك..لفقدنك ابويك في سنواتك الثلاثة الاولي..سلمي تشدك بخيط من حنين لتلك السنوات المنهكة ..كما تشدك الآن لذاكرة بردب بردب ..التي اعلنت انك غادرتها لتكتب عن ذاكرة اخري وعن إمرأة حديقة تحط الفراشات علي ثغرها اسمها سيدة بت بخيت.
..قي هذه الساعة من وش الفجروانت عائد من مراجيح صاحبك ممتلئاً بالدهشة تكون سلمي اسلمت جسدها المنهك وفتحت كوة احلامها الفارهة.
ونامت مرتاحة البال..مستورة الحال تنتظرك غداً بيدها البضة وتاخذ مادخرته لها من بشارة اللقاء الأول بصاحبك في الغفلة والانتباه والغياب والحضور والذي ستعود له بذاكرة نابضة بالأحداث والأحاديث..
امتدت اللقاءت بينك وصاحبك مصطفي واصحاب كثر كانوا هناك ..متولي بيومي ..عبد الرحمن حمد.. صديق بلال..علي بخيت..السر وداعة الله.. الامين محمد زين..محمد عمر مصطفي..ولهذا الأخيرموقف تحمد الله كثيراً أن سخرك للقيام به ومنحك عبره صديقاً وابنا بارا بيد سلفت عوضك عنها مثابرةًً وصبرا حتي اصبح قاضياً تحتفي وتتشرف به ساحات العدالة ومحامياً تتجمل به مهنة المحاماة.. علماً وخلقاً وقضاءً لحوائج الناس.. موقفاً لاتدخله من باب التباهي ولكن للتذكير بالفعل خارج الأنا وشحذ الهمم لبلوغ الأهداف والمرامي.
استقر الراي علي الرحيل الي الامتداد كانت دواعي الاختيار عديدة كان علي رأسها واكثرها اهمية خلو الأمتداد من المباني الحكومية التي يقطنها الوطواط ذلك الكائن الذي يخنق صديقنا مصطفي ويكتم انفاسه بحساسية مفرطه..
هامش: (ماهو الرابط بين الوطواط والحكومة) .
وجدت المجموعة نفسها علي غير كثير تدبير .بجوار اسرة الحاج عماره رجلاً طيباً سمحاً مكافحاً كريماً بغير منٍ ولا اذي .. احتوتكم اسرته وإبنه عثمان كأبناء وجيران واصدقاء اغدقت عليكم من الحب والأحترام ماجعل بيت العذابة وسط الحي هو البيت الكبير.. تقام فيه العديد من الحفلات التي تخص الجيران في الغالب والدروس المجانية للطلاب بواسطة المعلم مصطفي بيت العزابة عالم من المتنافضات واختلاف الأمزجة والرغبات والهوي والتعا طي بيت بلا اقفال لا طبلة ولا(كلاب)بفتح الكاف..بيت للشعر والغناء والموسيقي والرسم وصناعة الجمال.. سعد الدين الطيب..البربري.. عثمان عماره.. شعراء.. وعازفين.. ونساجين.. ومعجبين ..خيبات وخيبات وعلاقات عاطفية مهزومة حتي اصبح اسم المجموعة كما يحلوا لمصطفي مجموعة مظاليم الهوي..
مصطفي وجلسات المساء الي وش الفجر ..افردتم لمحمد عمر غرفة خاصة للمذاكرة بعد ان اصبح الان في الصف الثالث..بمدرسة الحصاحيصا الثانوية يتاهب لإمتحان الشهادة ..منحك لذلك فرصة ان تتقاسم مع مصطفي غرفته تتسامر معه يغني ويطيبها بالشعر والحوار ودندنة العود كل مساء يختتمها بالرتب (في سكون الليل)..
هاهي الأضواء اطفت والدجي اصغي إلينا
والمني في القلب رفت وإستقرت في يدينا
والذي عيناك اخفت قد بدا لما التقــــــينا
اين من الأمس اينا والمني والــــحب اينا
صوته ياتي من وسط الظلام ياتي كخيوط الضوء تحس ان هالة من الضوء تحلق بك خارج المكان والزمان..كأنه يأتيك من عالم اخر ضد الصمت وضد العزلة تبكي من حسك حين يقول :
ثم عدنا ونصرفنا كلنا يمشي وحيدا
باكياً قلباً وجفنا خائفاً الا يعودا
وانصرفنا ما عرفنا ما دهي هذا الوجودا
يالها من نبؤاة انصرفتوا بعدها جميعاً جميعاً وتفرقت بكم السُبل والعوالم بين بقاء وفناء وبرزخ وسرمد واصبحت في القلب حسرة وفي الحلق غصة وفي البال طرفة وفي الخاطر حكمة كان يرددها مصطفي مذكراً بواجبات الاخوة والمروءة
إن الكرام اذا ما ايسروا ذكروا
من كان يالفهم في المنزل الخشن
غتامة اللحظات وتكدر الأحوال تكسرها سخرية الامين محمد زين ..جلس علي سريره (المهتوك) بعض الزوار فهبط بهم الي اسفل سأل احدهم:
- دي سرير منوا..؟
اجابه الأمين سريري انا..!
- ودي بتنوم فيهوا كيف
- انوم شوية واقوم ارتاح واجي انوم تاني ..
يالسماحة الموقف وسماحة الفعل وسماحة رد الفعل وسماحة المنزل الخشن..
كانت سيده بت بخيت تحيك خيوط المحبة بينكم واهل الحي حتي اصبحتم عضواً فاعلا ومرغوباً فيه علي غير عادة بيوت العزابة في كثير من الاحياء .. ذات مساء صاحبك مصطفي وانت عائدا الي بيت العزابة استوقفكم انين وسط مراح الأغنام التي اعتادت النوم في واجهة البيت الفها المكان والفته لا لفائض طعام يرمي لها لا شئ هنا يفيض عن الحاجة إنه الكفاف قوت مظاليم الهوي وقوت آل محمد إحساسها بالأمان في مكان لا يحسن فيه احد مفردة (تك) كيف لا وانتم الداعين لعالم تتصالح فيه الاحياء والاشياء وتحط فيه العصافير مكان الرصاص .. توغل مصطفي في وسط الأغنام لتحديد مصدر الصوت كانت إحدي الأغنام تكابد الطلق وهي في ضنك واحتضار.. شحذ همتك للقيام معه يدور القابلة كان الجنين الميت في احشائها قد خنق المكان برائحة غير مستحبة مصطفي بدربته وقرويته ودافعه الإنساني بالاخر من كائنات تولي الدور الأساسي في العملية واكتفيت انت باجر المناولة حتي فرج الله كربتها (انحلت بالسلامة) إتجهت الي بت بخيت وايقظتها دون اسف ..قامت تهبش وتتبن ماتبقي في معيتها من زرة اوقدت روحها المتقدة النار واعدت لها وجبة البليلة الحارة تلك هي سيده بت بخيت إمرأة تتقن البياض وتتواطئ معه بثوبها الأبيض
بسمتها الوسيمة ناصعة البياض تخرج للتو من قلبها الأبيض طويل التيلة تُخرج يدها بيضاء من غير سوء الشاي باللبن.. الفطير باللبن..ملاح الروب له مزاق يخصها وحدها ..سيده بت بخيت إمرأة خلقت من الفطرة تجابه عاديات الأيام بصدرها الأبيض المتوسط .. عبرها اصبحت تعرف وتحفظ اسماء نساء الحي ..خديجة مرة عوض حسب الله .. عائشة مرة محمد خير .. ميمونة مرة ود القوز .. امنة مرة عبد الغني .. مرة شعيب .. ونفيسة مرة الباشاب .. مرة معروف.. ونساء خارج نطاق الحي .. كداسية ..وامامة .. والزرعية.. نساء يتجمعن كحبات السبحة في خيط سيده بت بخيت ..وتقودهن بالمحبة كسرب من الحمام الأبيض لكل مجاملة ..عرس ..بكا ..نجاح.. صفاح.. طهور .. سماية.. بت بخيت تصنع من كل حدث جسراً للتواصل والحب دون ضوضاء او بوبار او حظاٍ للنفس فتحت نوافذ عديدة للهواء الطلق بينكم واخرين ..بيوت وصداقات وامهات تشكلت ذاكرة رحيمة وتاريخ ودود .. طرزته سيده بت بخيت بالحب والإثار والسعي بين الناس بالخير جعلية انحدرت من العالياب بنهر النيل..
تمشي وما بتطاطي مابين نيل وشاطئ
نهارا مع السواقي وليلا مع الطواقي
وعمرها للجهال..
مانقطعت صلتك بسيده بت بخيت بعد ان تركت بيت العزابة لبيوت وبيوت حننتكا يوم زواجك جرتقتكا بالبنينة وقامت بدور الام للراحلة الصالحة إمتثال في حالت الوضوع تعرفُ اسماء ابنائك وتفاصيل حياتهم واحوال اسرتك الممتدة .
طاب مسائك سيده بت بخبت وطبتم اصحا بي مظاليم الهوي في كل فج من فجاج الأرض بعد ان تقاسمتنا المنافي .. وطبت ياصديقي مصطفي وطاب مقامك هناك .. وانت تأسس لقدومنا نحن اللحقون وطابت ذاكرة ذاك المكان...!


 
 توقيع : ازهرى محمد على

راجيك مترامى الاشواق فى ضل الشاتى الرماى
نتناجى مناجاة العشاق ونشد اوتار الغناى
فى دقة قلبى الملتاع بين جاى الليله وماجاى
حاسيك ذى ريحة النعناع فى المغرب قنانة شاى


رد مع اقتباس