17 مارس,2025

الحصاحيصا نت

موقع ومنتديات الحصاحيصا

يوميات سائق أمجاد

الكاتب

لواء شرطة(م) عبد الغني خلف الله الربيع
من مواليد مدينة ابو عشر بولاية الجزيرة
خريج كلية الشرطة بعام 1967م
امجاد2
بسم الله الرحمن الرحيم
يوميات سائق أمجاد ( 1)

مافي حتي رساله واحده من زبون يطلبني في مشوار.. وبيها أصّبر شويه .. ومنذ نصف ساعة وأنا أغدو وأروح جيئة وذهاباً بدون أن أحصل علي أي راكب من أي نوع إن شاء الله طلبه ابتدائي أو حتي تلاميذ روضة ..فقلت لنفسي لماذا لا تقتحم يا ولد مملكة الركشات حيث الطرق الترابية الجانبية مع احتمال العثور علي راكب ..وفعلاً لم يخب ظني فقد قدم نحوي شخص مهرولاً وهو يصيح في انزعاج واضح ..يا أوسطي .. يا أوسطي ..من فضلك عندنا حاجه طارئه ..خير إن شاء الله ..المدام جاها نزيف حاد ولازم ننقلها للحوادث فوراً ..ترددت برهة في القبول وتخيلت منظر الدماء علي الكراسي الخلفية والرجل يردد ..أرجوك يا أوسطي ما في زمن قدامنا ..هنا زجرت نفسي الأمارة بالسوء وتخيلت أن زوجتي في نفس الموقف ..هل أرضي أن يكترث أحدهم لمنظر الدم داخل العربة بينما زوجتي تموت ..لا ..لا ..يلاك بسرعه .. طبعاً حأنقلكم للحوادث ..وصف لي السكه ..شمال يمين ..شمال يمين ..أهو وصلنا ..نزل الرجل بسرعة لإحضار تلك المسكينة وسرحت ببصري بعيداً أتصور شكل الحياة لو أن كل شخص يضع نفسه في موقف من يلجأ إليه ..أكيد سوف تحل جميع مشاكلنا ..الحكومة مثلاً لو كل وزير أو والي أو معتمد يضع نفسه في مكان عامل بسيط لديه تسعة أطفال ..أكيد سيكون كريماً معه فلا يحيله للمعاش أو يطرده من المنزل الحكومي ..إذن مبدأ تبادل الأدوار والمواقع حتي في الخيال .. سيكون مفيداً لنا جميعاً ..عاد الرجل والزوجة تئن وتتأوه وهي تستند علي كتف والدتها فيما يبدو وشقيقة لها ..براحه ..واحده واحده ..أيواا ..كده تمام ومن ثمً انطلقنا لا نلوي علي شيء .. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان إذ عندما كنا بصدد عبور الكوبري وجدنا صفوفاً رهيبة من العربات بسبب تعطل شاحنة عملاقة في منتصف الكوبري ..ضربت بوري واستعملت الكونتاك دونما أي جدوي .. فقد الرجل صبره فنزل من العربة وهو يطلب من أصحاب العربات فتح ثغرة تمكننا من المرور وهو يركض ويردد ..يا جماعه عندنا حاله مريض مستعجله ..عندنا زول عندو نزيف حاد ..لم يقصر الأخوان باستثناء بعض المركبات التي كانت تقطع علينا الطريق الذي يوسعه الآخرون كعادتها معنا ..دائماً قاطعاها معانا ..أخيراً مر بقربنا عسكري مرور يمتطي دراجة ناريه ..فلم يتردد في تشغيل (السايرين )..وتشغيل الأنوار ففتح لنا الناس الطريق وانطلق أمامنا يسابق الريح وأنا بالكونتاك خلفه حتي لا يدخل بيننا سائق مستعجل وما أكثرهم ..شعرنا بشيء من الراحة ونحن نمضي في طريقنا قدماً وشعرت أنا بالتحديد بشيء من العظمة والغرور وتخيلت نفسي رئيساً أو والياً والموتركيت أمامي جاري ( فللي ) .. لا هماه إشارة مرور ولا خائف من لغم ..وبمناسبة الألغام أكاد أكون أحرف سائق أمجاد في تفادي مواضع الألغام وعندي أكثر من حيله ..ونادراً ما أقع في لغم بالرغم من أنني مركب لوحه بيضاء ..المهم وصلنا المستشفي وكانوا علي وشك إدخال شخص مصاب بحروق رهيبة في جميع أنحاء جسمه لغرفة العملية ونسبة لتحرج موقف تلك المرأة أدخلوها هي في الأول وقاموا بعمل جراحه سريعه داخل العنبر للشخص بتاع الحريق ..يعملوا شنو يعني ..؟ شيء أحسن من لا شيء ..حلفت من المشوار واكتفيت باحساس الترطيب الذي شعرت به وأنا خلف الموترجي بتاع الحركة ..مشيت لطرمبة البنزين وأدخلت العربيه للعفريتة فطلبوا مني تمنتاشر ألف جنيه ..الجنيه يحك الجنيه ..وكانت آخر ما أملك ..لكنني وبمجرد مغادرتي العفريته لقيت مشوار كارب للمطار اشتريت منو حاجات البيت وبطيخه للمدام ..سيد البطيخ قال لي أقطعها ليك ..قلت ليهو لا ..أصلي متعود أقطع البطيخه بحظوظ بناتي ..واحده خريجة إعلام والتانيه خريجة قانون وشريعه والتالته عندها دبلوم كمبيوتر ولا واحده شغاله ولا واحده جاها عريس ..قسمتهم كده ..حظهم الوحيد في البطيخ ..وحتي جديد اللقاء مع حلقة جديدة من يومياتي ..أترككم في رعاية الله وحفظه .
المصدر: منتديات الحصاحيصا نت alhasahisa

امجاد3
يوميات سائق أمجاد (2)

أصبحنا وأصبح الملك لله ..أمبارح الجمعه ..صيانه وغيار زيت وزيارات ومناسبات ..يا دابك خلينا حاجه للبنزين ..ولكن ربك كريم فهذا هو شخص يحمل حقيبه سامسونايت ويرتدي نظارة شمس ومن شكله خمنت أنه يريد مشوار وليس طرحه ..ممكن مشوار يا معلم ..؟ ..ممكن طبعاً ..مره معلم ومره أوسطي وأحياناً ياخينا ..ويا عم ..ولا مره يا أستاذ ..وكأن سائقي الأمجادات أميين ..ولو قام زول عمل مقابلات صحفيه مع بقية الزملاء ..حيلقي ناس كلها مقامات ..شيء ضباط وشيء موظفين بالمعاش زي حالاتنا وشيء دكاتره في الجامعات ..وقله قليلة جداً من ( الجربنديه ) ..لكنه مجتمع لطيف ..لما شلتنا تجتمع للفطور تدور نقاشات عجيبه ..يعقوب المُخ راس القايده ..ما بصاقع في القرايه ..يا سايق يا بقرا في كتاب أو مجله أو جريده ..ولامن الناس تجيب موضوع يعقوب المُخ بكون حافظو حفظ ..في داعي نتفق علي المشوار ولاّ نخليهو علي النيه ..صاحبنا بتاع السامسونايت قبل ما يقعد سمح ..الأولو شرط آخرو نور ..الكلام ده سمعتو كتير من يعقوب المُخ ..علي النيه يا ابن العم ..مافي مشكله ..وفي الطريق علمت منه أنه تاجر شنطه وكرهان حاجه اسمها حافلات ..لماذا يا ابن العم ..الناس دي مجتهده وطيبين ..ما قلنا حاجه ..لكن خمسه سنين وأنا من حافله لحافله ..ربنا سهل لي سفرتين تلاته لأبوظبي وفرت لي قرشين تلاته ..قلت يا بوي وأنا تاعب نفسي مالي ..أركب الأمجادات لغاية ما اشتري عربيه ..تعرف يا ابن العم ..اسم الكريم منو ؟ ..نور الدين وأنا مصطفي ..اتشرفنا ..عالم الحافلات ده عالم عجيب ..كل كرسي داخل الحافله عندو اسم ..مثلاً الكرسي القريب من المدخل طوالي ..ده اسمو موظف الإستعلامات ..كل دقيقه والتانيه يجيك واحد يسألك ..يا استاذ الحافله دي ماشي الحته الفلانيه ؟ ..بالنص ولاّ بالظلط ..بتقيف في محطة سراج ؟ ..وهكذا يجننوك جن بالأسئله ..الكرسي القدام جنب السواق ده إسمو كرسي الشهيد ..لأنو أي حادث يقع للحافله لا قدر الله .. شايتك ..شايتك ..أما صف الكراسي العلي الشمال ديل اسمهم الوصله ..لأنو (البلف) ما بقدر يصلهم في كراسيهم مع وجود كراسي النص والبلف ده يطلع شنو ؟ ..البلف معناهو الكمساري ..وجماعة النص ديل اسمهم أولاد المرحوم ..لأنهم كلما يجي راكب قاصد الكنبه الأخيره يقوموا ليهو قومه واحده مع بعض ..وناس الكنبه الأخيره اسمهم ..ناس عليك الله خليها عليّ المره دي .. شكراً ما كان في داعي للتعب ..لأنو في الغالب يكون في زول دفع ليهم ..لكن أحسن حاجه في الحافلات أنها بتعرفك بالناس ..في راكب تلقاه من البدايه حدد موقفو ..يمشي يقعد في آخر الصف ..ده بكون في الغالب انطوائي وما عاوز كلام مع زول ..وفي من يحاول التعرف علي الآنسات من الركاب ..بقصد شريف وربما لا ..أنا القدامك ده يا نور الدين اتعرفت علي زوجتي داخل حافله ..يا زول من ما دخلت الحافله الناس دي كلها صنت ..حاولت تقعد في كرسي النص القريب مني حلفت عليها تقعد في الكرسي بتاعي ..عجبني تهذيبا وروقتا ..قالت لي شكراً بخجل شديد ..في اللحظه ديك أنا اتلخبت وما عرفت أعمل شنو ..لحسن الحظ نزلنا في محطه واحده وكانت شايله شنطه تقيله شويه ..حلفت عليها أشيل الشنطه وفي الطريق عرفت أنها من ناس كويسين وأنها بتقرا في الجامعه ..وزميله لأختي ..ما أحري ولا أدري إلا وأنا اتقدمت لخطوبتا وأهلها وافقوا ..قمت سافرت أبوظبي عشان أجيب الشنطه ..ومن ديك وأنا بسافر بانتظام خاصه في مواسم الأعياد أهو منها تجاره وفسحه ..والله يا عم نورالدين الناس دي عايشا ..تطلع من مطار أبوظبي تفتكر نفسك داخل علي لندن ..أما إذا مشيت دبي فده عالم قايم بذاتو ..المهم دردشنا لغاية ما وصل ..راجل وناس خلاص ..علي الله يكون( الستك ) في مستوي حلاوة الونسه ..الراجل طلع ضكران ..أداني ورقتين من العمله الصعبه فيها حاجات تشبه رسوم ( الكرتله ) قلت ليهو العمله دي شنو ؟ ..قال لي دي عشرين يورو ..تعادل حوالي ستين ألف جنيه ..لكن بتسير عندنا يا مصطفي ؟ ..طبعاً بتسير ..في حاجه في البلد دي ما بتسير ؟! ..شكرتو بحراره واشتغلت باقي اليوم داك بمزاج..ربك كريم .. ودمتم حتي جديد اللقاء إن شاء الله .