بقلم ناصر عزالدين
ولد الشاعر حميدة احمد عثمان الشهير ( بحميدة ابو عشر ) فى عام 1931م بمدينة ابو عشر وترعرع هناك وقضى فترة دراسته الاولية بها ثم أنتقل الي مدينة ود مدني ليعمل بها نجاراً حرفياً في مدرسة حنتوب الثانوية في عام 1943 م واستمر بالعمل بها حتى 1947 م الذى تم في اواخره افتتاح مدرسة ثانوية جديدة فى مدينة الحصاحيصا وكانت هناك حاجة ماسة الى حرفيين لتجهيز الكراسى والادراج للتلاميذ الجدد فنقل حميدة من حنتوب الى مدرسة الحصاحيصا الثانوية وذهب وهو طاوى الماضى الجميل فى حنتوب فى صدره وعائشا على صدى الذكرى متحسرا على ايامه الزاهيات وذكرياته العطرات فتدفق شعرا مودعا حبيبته حنتوب بقصيدته الخالدة ( وداعاً روضتي الغنا )
داعاّ معبدي القدسي
طويت الماضي في قلبي
وعشت على صدى الذكرى
وهذا الدمع قد ينبي
بظلم المهجة الحيرى
لماذا الهجر يا حبي
لماذا دهرنا ضنّ
وشبع روحي باليأس
نسيت الماضي ياليلى
ماضي الحب والطهر
ليالي نقطع الليل
بحلو النجوى والشعر
نسيتي ليلى إذ كنا
نُفدي النفس بالنفس
أظل أردد الشكوى
على ما نلت من وجد
حبيب الروح لا أقوى
على حمل الهوى وحدي
ولما لم أجد سلوى
كسرت ابريقي والدن
وسكبت على الثرى كأسي
وداعاً روضتي الغنّا
وداعاّ معبدي القدسي
في عام 1950م سافر حميدة الى مدينة الخرطوم وعمل بمصلحة التشييد والمبانى وفى تلك الحقبة تفتقت ابداعاته الشعرية والتقى مع الفنان المبدع وسيد ساحة الغناء الحديث في ذاك الوقت ( الحاج عبدالحميد يوسف ) فاهداه قصيدة لاتزال خالده إلي يومن هذا ، ويقال أن هذه القصيدة نظمها ( حميدة ابوعشر ) في فتاة قبطية وتقول القصة أن شاعرنا كان يجلس في مقهى ( جورج مشرقي ) وأتت تلك الفتاة القبطية وكانت جميلة فنظر إليها ( حميدة ) نظرات طويلة وعندما أنتبهت الفتاة لنظرة ( حميدة ) اظهرت غضبها فكانت (غضبك جميل زي بسمتك ) التى ابدع ( عبدالحميد يوسف ) في تلحينها وسجلها علي اسطوانه فنالت شهره لدرجة ان هذه الاسطوانه اصبح لها مكان ثابت في فترات الاستراحه في جميع دور السينما في العاصمة وبهذه الاغنية أطلق خانجي علي ( عبدالحميد يوسف ) لقب ( مطرب الجماهير ) و اصبح حميدة واحدا من شعراء القمة في مجال الاغنية الحديثة وصاحبتها حسناء قبطية كانت تجلس في سنتر ما كان يسمى بـ«سوق الموية» حلواني «جورج مشرقي» ملتقى أهل الفن وكان الشاعر أبو عشر قد نظر إليها مرات معجباً بجمالها ولكنها أظهرت غضبها
على كل حال شكلك بديع
غضبك جميل زى بسمتك
حكم الغرام بتذللى
حكم الجمال بتدللك
الإشتياق والإحتراق والوجد لى
والإبتسام والإنسجام والحسن لك
عجبا ًتكون قاسى ووديع
على كل حال شكلك بديع
غضبك جميل زى بسمتك
نظرة عيونى لمحنتى
سحر الجمال فى بهجتك
خايف خدودك تنجرح من نظرتى
خايف فؤادى يدوب حنان من نظرتك
يا آية المعنى الرفيع
على كل حال شكلك بديع
غضبك جميل زى بسمتك
كيف الخلاص يا دنيتى
مابين خضوعى وجبرتك
أراك قريب لكن بعد عن بغيتى
من بعد ما أوقعتنى فى فتنتك
جرت وجفيت وجفاك مريع
على كل حال شكلك بديع
غضبك جميل زى بسمتك
نعود لشاعرنا حميدة ابوعشر الذي كان بطبعه لايحب الاضواء وكان معظم امسياته يقضيها مع رائد النهضة الغنائية الحديثة ( الحاج / عبدالحميد يوسف ) الذى تتلمذ علي يديه الفنان ( الملك / عثمان حسين ) فقد بدأ عثمان حسين حياته الفنية كعازف عود مع ( عبدالحميد يوسف ) ولم يضن شاعرنا علي صديقه ( عبدالحميد يوسف ) فبعد أن كتب له ( غضبك جميل زي بسمتك ) اهداه أغنية ثانية ( رمز الضياء )
رمز الضياء
انت الحياة
محبوبي ياكل الجمال
رمز الضياء
يا سمى البدور معنى وصفه
وروح النسيم رقـه و صَـفا
أنا فى معبد هواك
رتلت مزمار الوفا
شاهدت آيات مدهشات
عجز الخيال أن يوصفا
فُـتـَن الطبيعه كما هى
بالنسبة لى حسنك ظلال
انت الحياة
محبوبي ياكل الجمال
رمز الضياء
يا من سميت فى المستوى
ارحم عذاب قلبى الهِـِوى
من ما هواك
فى مهالك الاهوال هَـوى
وشرب العذاب
كاسات دهاق حتى ارتوى
لكن تأكد غير ريا
إخلاصى يا حلو الخلال
انت الحياة
محبوبي ياكل الجمال
رمز الضياء
أنا كم أقول صبحِى ومسا
ليت َ ولِـمَا وهلْ لو عسى
مرات أقول هم ضللوك
مرات أقول جافا ونسى
ضاع الأمل بعد الرجا
وبعد الحنان قلبك قسا
اتمادى زيد فى الكبرياء
وتيه واستزيد سلواك محال
انت الحياة
محبوبي ياكل الجمال
رمز الضياء
ذكرنا أن عثمان حسين بدأ حياته ( كعازف عود ) مع الفنان / عبدالحميد يوسف الذى تربطه علاقة صداقة بشاعرنا حميدة أبو عشر لذا لم يتوانى شاعرنا عندما قرأ له الشاعر قرشي محمد حسن قصيدة ( اللقاء الأول ) في ترشيح الفنان عثمان حسين ليتغنى بها وقد كان ، وعندما هدد ( متولي عيد ) مدير الأذاعة الفنان عثمان حسين بوقف بث أغنياته عبر اثير الاذاعة لأن عثمان حسين توقف من انتاج أي أغنية لفترة شهرين بعد أن تغنى بالفراش الحائر وخمرة العشاق فكان أن انقذه الشاعر ( علي محمود التنقاري ) الذى كان حاضراً لتهديد متولى لعثمان بأن أهداه أغنية ( كيف لاأعشق جمالك ) في نفس اللحظة ولكن هل أغنية واحدة تكفي لايقاف تهديد متولي عيد ، حمل عثمان همه وذهب الي شاعرنا حميدة أبوعشر الذي لم يتواني في كتابة قصيدة للملك / عثمان حسين ( ظلموني الأحبة ) فلحنها عثمان بسرعة فائقة هي وكيف لااعشق جمالك وذهب بهم الى متولي عيد الذى اوقف تهديده بعد سماع الأغنيتين .
ظلموني الأحبة
في شارع المحبة
الاحباب تجنوا
بالاحكام وجاروا
بقيود المحبة
ملكوني وتوارو
لعيني ابكوا
ظلموني وتشفّوا
وفي اخلاصي شكّوا
اخلاص قلبي ظاهر
للحرموهو حبه
ظلموني
انا الحافظ ودادم
علي رغم التجافي
انا المظلوم وراضي
انا المهجور ووافي
نسيان لو اودو
او جافوني صدو
حافظ قلبي عهدو
انا في مذهب غرامي
سلوى الحب مسبه
انا الضيعت عمري
بين حلو الاماني
لاجادوا الأحبه
ولااتعطر زماني
قاسيت الصبابة
تبريحا وعذابا
اسباب التهابا
وكل ما الذكرى طافت
قلبي سعيرو شبّ
( محبوبي لاقاني ) كتبها شاعرنا ( حميدة أبوعشر ) لفنان الفنانين ( حسن سليمان – الهاوي ) ولقب بالهاوى لأن الغناء كان بالنسبة له كهواية لا أكثر وحسن سليمان هو شقيق ( عبدالقادر سليمان ) الذى تعلم علي يديه ( خليل أفندي فرح ) العزف علي العود وحسن سليمان والفنان ( حسن عطيه ) والشاعر ( خضر حسن سعد ) ابناء حي المراسلات واصدقاء طفولة علي العموم لحن ( حسن سليمان ) أغنية ( محبوبي لاقاني ) وفي نفس الوقت كان حسن عطية قد أخذ من الشاعر ( خضر حسن سعد ) أغنيته الخالدة ( ما شقيتك ) ولحنها وعندما استمع ( حسن سليمان لأغنية ( ماشقيتك ) أعجبته لأن خضر حسن سعد كتب مأساته في هذه القصيدة فألح أن يأخذ الأغنية بلحنها وقد كان ورداً لجميل صديقه الفنان ( حسن عطية ) وبعد أن استأذن من شاعرنا ( حميدة أبوعشر ) أعطى ( حسن عطية ) أغنية ( محبوبي لاقاني ) .
محبوبى لاقانى وبنظرة حيانى
جذب الفكر حسنو
جهر العيون نورو
وبعد اشتياقى الطال
فاجأنى بظهورو
شخصت فى حسنو
وأصبحت مسحورو
سبّحت كبّرت هللت بحياتو
بكل احساسى رديت تحياتو
شكيتلو الامى وآمالي واحلامى
بادلتو بشعورى
ملاء الحياء شعورو
شفت السحر كامن
بين وجنتيه وحورو
من العيون خوفى
وامالى فى ظهورو
زى الزهور نادي
زى الصباح مشرق
زي البروق باسم
زى اللهيب محرق
بعواطفى بادلتو
بدموعى جاوبتو
شكيتلو من هجرى
و ظلم الهوى وجورو
قلنا أن شاعرنا كان يعمل بمصلحة التشييد والمبانى وكان يقضي معظمه وقته في نادي العمال بالخرطوم وقد سبب ( حميده أبوعشر ) هاجساً بالنسبة للمستعمر ذلك من خلال حركته الدؤوبة واشعاره التى تدعو للوحدة فاحس المستعمر بذلك فقام بنقله الى مدينة الابيض وأرسل بصحبته فى هذه الرحلة شاويش مرافقاً له حتى يتأكد المستمعر بأن ( حميده ) قد غادر الخرطوم وطوال هذه الرحلة عن طريق القطار كان الشاويش لايفارقه وملازماً له كظله وظل شاعرنا صامتاً طوال الرحلة و لم يطلب من الشاويش سوى ورقة وقلم وكتب قصيدته المشهورة الحجل بالرجل التى غناها الفنان حسن عطية والمقصود الشاويش الذي ظل ملازماً له من الخرطوم الى الابيض .
لحجل بالرجل
يا حبيبي سوقني معاك
الليلة العزول
جاب لي خبر بالسو
نسام البحر
قلب الخبر بلو
قال لي دام هواك
يا حبيبي مهما تسو
الحجل بالرجل يا
حبيبي سوقني معاك
يا مسافر براك
شاقي المفاذة بليل
يوم قلباً طراك
هداك المحبة دليل
بحق المودة
حق الهوى والليل
الحجل بالرجل
يا حبيبي سوقني معاك
يا مسافر براك
قبل السفر زامل
يوم قلبا طراك
بالمحنة ما بجامل
بحق المودة
حق الهوى الكامل
الحجل بالرجل
يا حبيبي سوقني معاك
ادهشني سياق الموضوع وترتيل وتسلل الكتابة والمعلومة الكاملة التي كنت ابحث عنها شكرا حصاحيصا نت موقع متميز